ثورة الإعلام أم إعلام الثورة ..

نشر 25 مارس 2018

في ظل الوضع العربي الراهن الذي يعيشه أبناء الأمة العربية بداية ، من ثورة تونس إلى مصر فليبيا واليمن والثورة السورية، نشهد ثورةً من طراز آخر هي الثورة الاعلامية.. فلا يخفى على أحد أن الاعلام بات يشكل مفصلاً حقيقياً في أحداث اليوم سياسيةً كانت أم اقتصادية أم اجتماعية، كما لا يخفى على أحد بأن الحرب الاعلامية باتت أشد قوة وتأثيرا من الحرب العسكرية.. فالاعلام لم يعد يقتصر على المرئي منه بفضائياته ومحطاته التلفزيونية المحلية ولا على المسموع من إذاعات ولا على المقروء من صحف ومواقع الكترونية بل تعداها ليشمل اعلام اليوم : ” الانترنت ” ، ..حيث أصبح المواطن العربي في كل مكان مشاركاً في البانوراما الاعلامية، وبات هو في أحيان كثيرة : المراسلَ والمصورَ والصحفي والمحرر وصاحبَ الكلمة .. وأصبحت مصداقيته تفوق أي محطة تلفزيونية أو وسيلة إعلامية مهما وقعت على مواثيق شرف : إذ إنه شريك أساسي لا يستهان به ولا يستخف بعقله وإمكانياته وكلمته..

والاعلام الأذكى هو من اعتمد على هذا المواطن في خطابه الاعلامي ، بأن استقى منه المعلومات وتوجّه إليه ووثق به فبادله المواطن العربي هذه الثقة وأصبح أميناً لهذه المؤسسة الاعلامية التي تنقل أوجاعه وآهاته وتطلعاته وأحلامه، وتابعاً لها في أحيان أخرى لأن هذه المؤسسة مهما بثت من قضايا وحقائق ورسائل فهي على يقين بولاء وإنتماء جمهورها إليها …في حين مازال إعلام آخر لا يدرك هذه الحقيقة ولا يواكب التطور الاعلامي المثير والمستثار والمتواصل ، ومازال في أدواته وفكره يعتمد على خطابه السابق الذي تجاوزه الزمن ، فلئن كان ناجحاً إلى حد ما في التوجه إلى عامة الناس بسبب استفراده واستحواذه على الساحة فينقل ما يشاء وكيفما يشاء وفق توجهاته وسياساته، فإنه أضحى اليوم بعيداً كل البعد حتى عن جمهوره المحلي ” القديم ” الذي بات يستقي أخبار بلاده وأحوال أهله وناسه وشعبه من مؤسسات إعلامية أخرى يؤمن على الأقل بإمكانياتها .

واليوم ، وفي ظل الثورات العربية التي نشهدها بين أنظمة مستبدة وشعوب تطالب بالحريات ، تظهر على خطٍ موازٍ نزاعات اعلامية ضد اعلام ثوري..
فبعض الفضائيات التلفزيونية والصحف والمواقع الالكترونية تركت رسالتها الاعلامية في نقل الحقيقة بأمانة وشفافية وانشغلت بإلقاء التهم وكيل الشتائم والتشكيك والتخوين والتآمر والتحريض ضد بعضها البعض لأنها تفتقر إلى أهم أساسيات المهنة وهو الاعلام الحر ” أتحدث عن البعض ” فتارةً نرى اعلاميين يعلنون استقالاتهم ويوجهون الاتهامات إلى مؤسساتٍ عملوا بها لسنوات طويلة واذ بهم فجأة يكتشفون توجهاتها فيخرجون علينا كأبطال قوميين ذريعتهم واحدة : إن الأمر بات يمس أمنهم الوطني..وتارةً نسمع عن تهديدات تطال البعض أو مغريات تُقدم لهم ليتركوا منبرهم الاعلامي بحجة ” الوطنية ” ..

لكن الاعلام الثوري الذي نتحدث عنه أبى ويأبى أن يكون ضمن هذه الحلقة المفرغة ، بل مضى إلى غايته يتابع مهمته الاعلامية واضعاً الجمهور العربي وقضاياه في محور اهتماماته وأولى اختياراته بعيداً عن المهاترات التي ستفضي إلى نفق مظلم ومصيرٍ مجهول، فتحية لكل اعلامي حر ، ولنعترف جميعا بأننا في مرحلةٍ تاريخية جديدة ، إذن : دعونا نكون لها شهودا أوفياء .