الغوطة وأسرار غير منشورة عن معركة عفرين

نشر 25 مارس 2018

الغوطة

ندرك بأن الحديث عن أي أمر سوري خارج عن حدود الغوطة الشرقية يعد أمرا مخجلا ، ومن أجل ذلك استهللنا مقالنا بها ، حيث ذبح المئات ودفن مثلهم تحت أنقاض القصف الروسي وطائرات النظام  ليصل الأمر إلى مهزلة جسدتها جلسة  مجلس الأمن مساء الخميس عندما كانت كل الكلمات عن ضحايا الغوطة الشرقية مجرد تفاهات قبل أن يأتي قرار المجلس يوم السبت ويتحدث عن هدنة لم يضمن أحد تنفيذها ، والمخزي في القرار هو دعوة جميع الأطراف في الغوطة  لوقف إطلاق النار !.

جميع الاطراف !!!.

وكما سبق وقلنا ، فإن ما يجري في سوريا سيستمر ، ولن يتوقف على المديين القريب والمتوسط بسبب النفط والغاز ، وكان الله  في عونها في المدى البعيد .

ما يحزن ويغيظ عدا  القتلى والجرحى والأشلاء والموت الزؤام ، هو ما قاله الناطق باسم جيش الإسلام الذي يتزعمه محمد علوش ”  حينما اعتبر أن قصف الغوطة  وبهذه الكثافة يجيء ” للخسائر التي تكبدها النظام ” في تصريح لا يستحي لا من الله  ولا من خلق الله ، ولمن لا  يعرف هؤلاء  فإنهم هم الذين شكلوا شبه دولة في هذا الجزء من سوريا وبإمكانيات ضخمة ، ولكنهم لم يحافظوا عليها كالعادة ، وها هم وضعوا الغوطة تحت الركام ولا زالت عنترياتهم  تزكم الأسماع .

المراد من الغوطة ، شأنها شأن أي جزء من سوريا ، هو أن تستسلم ، ولما كنا نتحدث عن  ربع مليون شخص يعانون الحصار والقتل والجوع  وعن أطفال ونساء وشيوخ  فكل شيء وارد .

كما قلنا ، فإن  القرار الأممي الأخير الذي يتحدث عن هدنة لمدة  شهر وإدخال مساعدات ، ليس سوى  كذبة أخرى ولن تصمد سوى ليوم ويومين ، بينما يطبق ماهر الأسد وقوات حزب الله وميليشيات إيران الزينبية الأفغانية والعراقية  على كل منافذ الغوطة التي تموت ببطء .

ستسقط الغوطة لأنها تقاتل قوى عظمى ، وقريبا .

          عفرين .. ماذا يجرى ؟؟

  سربت مصادر أمنية إسرائيلية نهاية  الأسبوع لمواقع إسرائيلية تعنى بالإستخبارات ” ديفكا أحدها ”   أن ما جرى في عفرين مؤخرا من دخول لميليشيات شيعية وشبيحة النظام جاء باتفاق مسبق مع الأتراك  ، وهو اتفاق طبخه الروس في قاعدة حميميم التي شكلوا فيها  قيادة خاصة بعفرين بالذات .

كيف ؟..

تقول المعلومات غير المنشورة على نطاق واسع حتى الآن : إنه تم التوصل لاتفاق سري بين الروس والنظام والأتراك بعلم الولايات المتحدة يقضي بدخول قوات تابعة للنظام إلى عفرين ، وأن إشراك الولايات المتحدة في ما جرى في عفرين قبل أيام جاء للحيلولة دون الصدام معهم ( الأمريكان أعلنوا أنه لا قوات لهم في عفرين )  وبالفعل  دخلت قوات من الميليشات الأفغانية ومن الشبيحة في العشرين من شهر شباط الجاري ، وسط حديث عن قصف مدفعي تركي لهذه القوات كجزء من الإتفاقية لكي لا يبدو أن أي طرف من هذه الأطراف قد قدم تنازلات وهو ما تم فعلا .

ومن بين المعلومات التي لم تنشر أيضا ، هي قيام مدير المخابرات التركي هاكان فيدان  بزيارة إلى قاعدة حميميم بالقرب من اللاذقية   لمحاولة إقناع الروس بالوقوف على الحياد غير أنه تلقى تحذيرا روسيا من أن أي طائرة تركية تحلق فوق سوريا من دون إذن سيتم إسقاطها ، وهو ما عجل بقبول الأتراك دخول الميليشيات المذكورة إلى المدينة .

 أما في ما يتعلق بالأكراد في عفرين فإنهم وجدوا أنفسهم مضطرين للقبول بالخطة ودخول هذه القوات ، بل الدعوة لدخولها بعد تأكيد موسكو لهم بأنهم سيظلون قادرين على البقاء في عفرين وإدارة مناطقهم حتى بوجود شبيحة النظام والميليشيات الأيرانية الأفغانية ، وهم فضلوا القبول بذلك بدلا من خوض معارك مع الدبابات التركية في شوارع المدينة التي قد تتعرض للدمار .

 يدرك الأتراك بأن قواتهم البرية ومن دون غطاء جوي فإنها لن تتمكن من تحقيق أهدافها ، ومن أجل ذلك وجدوا وجوههم إلى الحائط .

 هذه هى المعلومات المسربة ، وإن صحت ، فإنها تكشف مدى الورطة التي تعانيها تركيا في معارك  الشمال السوري ، حيث يكون قد تبين بأن الحليف الأمريكي المراوغ لا زال يراوغ  ولم يرشح شيء بعد مما كشفه تيلرسون خلال زيارته الأخيرة لأنقرة وحديثه عن أن الأولوية الآن هي لمدينة منبج ، ولربما يقع في منبج ما وقع  في عفرين ، ولكن مع استبدال الميليشيات الأفغانية في عفرين بقوات أمريكية – تركية مشتركة لإدارة المدينة وهو أمر تقبل به أنقرة في مواقف معلنة لها تم إطلاقها خلال زيارة الوزير الأمريكي ، أما بالنسبة للأمريكان ، فإنهم ملتزمون بحماية الأكراد    شرق الفرات  ، ورأينا كيف أنهم تدخلوا بقوة قبل أيام وقصفوا جسرا نصبه الروس على النهر ما أدى لمقتل ما يقرب من 100 روسي وإيراني وعناصر من  النظام وحزب الله .

  لا شيء ثابت في سوريا ، فكل ساعة هناك مفاجأة ، وكل يوم هناك تطور ، ولسوف نشهد قريبا خروجا للثوار من الغوطة  كما حدث في كل المواقع ، ولكن : أين سيذهبون الآن إذا كان الهدف التالي هو إدلب ؟ .